٢٠٠٩/٠٣/٠٨

الأمير راشد الخزاعي رحمه الله






نحن كشباب عرب في المهجر نود أن نشهد شهادة حق بحق هذا الأمير الأردني الذي تم تغييب تاريخه من قبل السلطات الأردنيه و بعض المندسين و المنتفعين في تغييب هذه الحقبة من التاريخ الأردني و ذلك من أجل إيجاد زعامات جديدة في الأردن لم تكن حتى موجودة من قبل حيث أن الزعامة الحقيقية كانت لعائلة هذا الأمير من مئات السنيين و لكن الأستعمار و زبانيته قد غيب تاريخ هذا العشيرة و ذلك لأهداف سياسية ، فلقد إتفقنا نحن كشباب عرب في المهجر بإحياء تاريخ هذا الأمير لما له من مواقف مشرفة في قضيتنا الفلسطينية و عدة قضايا عربية أخرى ، و قد قمت بإدراج المعلومات من زميلي الأستاذ المؤرخ محمد الرمحي الذي لديه عده مؤلفات في المهجر و لديه دار نشر .


بعد الإطلاع على عدة جوانب من تاريخ هذا المناضل و دوره في قضيتنا الفلسطينية و دوره المشرف فيها في الفترة التي عاشها في القرن الماضي و بعد علمي التام بمدى تهميش الحكومة الأردنية لتاريخ هذا المناضل الشريف إرتئيت أن أكتب هذه المدونة لروح هذا الأمير و الذي نحن كفلسطينين بالمهجر نفخر بهذا التاريخ المشرف لهذا الزعيم ، فقد تم تهميش تاريخه المشرف و تم التعتيم الكامل على عدة جوانب من حياته من قبل عدة جهات لها مصلحة في ذلك و لأسباب سياسية بحتة و بالطبع بمساعدة عدة جهات خارجية و حتى داخلية في الأردن حتى يتم تماما نسيان دورة و عدم إذعانه لقرار إعطاء فلسطين لليهود في ذلك الفترة و بسبب ذلك تم التعتيم التام على جوانب عديدة على حياته السياسية و حتى كأمير حاكم في منطقة بلاد الشام و لكن هذا التاريخ و حكمه السياسي في الأردن في القرن الماضي لايمكن إنكاره و لا حتى التعتيم عليه و بعد الإطلاع على سيرته السياسية و الشخصية جعلني أكتب هذه المدونة إهداء لروحه و إهداء لجميع المناضلين الأحرار في وطننا العربي.

النشأة

و لد الأمير راشد الخزاعي في بلدة كفرنجة في مدينة عجلون (1850-1957) و هو ينحدر من قبيلة الفريحات التي حكمت منطقة واسعة من بلاد الشام بما فيها بعض أجزاء من فلسطين و بالطبع الأردن فترة الحكم العثماني ، و كان الأمير زعيم و سياسي و مناضل و مناصر في التاريخ السياسي العربي و الإسلامي فقد اشتهر بمناهضته للإنتداب البريطاني في بلاد الشام ودعمه للثورة الفلسطينية والليبية في بدايات القرن الحالي.

هو الأمير الشيخ راشد ابن الأمير الخزاعي ابن درغام ابن فياض ابن مصطفى ابن سليم من أمراء ومشايخ قبيلة الفريحات، تلك القبيلة الضاربة في العراقة في منطقة بلاد الشام، لقد خرج هذا الأمير العربي إلى فضاء هذه الدنيا يحمل إرثا عشائريا وقياديا ضخما توارثه عن أجداده من أمراء قبيلة الفريحات الذين حكموا تلك المنطقة لمئات السنين إبان فترة الحكم العثماني لمنطقة بلاد الشام الأمر الذي جعله يحتل مكانة مميزة جعلته من أهم شيوخ جبل عجلون الذي حكم منطقة إمارة شرق الأردن خلال فترة الحكم العثماني.

لقد عاصر الأمير راشد الخزاعي العديد من المحطات السياسية المهمة في تاريخ الأردن الحديث منذ تأسيس الإمارة على يد الملك عبدالله الأول (1882-1951) وحتى السنوات الأولى من انتقال الراية إلى الملك الحسين بن طلال (1935-1999).كما شهد الأمير الخزاعي أيضاً أحداث انتقال العرش إلى الملك طلال عام 1952 عقب اغتيال الملك المؤسس مع ما صاحب تلك الحقبة من تداعيات محلية وإقليمية وقد كان في أواخر أيامه حيث توفي عام 1957م.

تم تغييب كبير وإخفاء كثير من المعلومات الخاصة بتاريخ هذا الأمير الأردني وقبيلة الفريحات ودورها المحوري الذي كان في التاريخ السياسي الأردني القديم بسبب التاريخ العريق لهذا الأمير ومواقفه الجريئة والنضالية وضرباته الموجعة والموجهة ضد الإستعمار والإنتداب البريطاني في بلاد الشام بالإضافة لمعارضته السياسية العلنية إبان إنشاء إمارة شرق الأردن ودوره الحيوي في دعم الثورة الفلسطينية ومحاربة الصهيونية وخاصة فيما يتعلق ببيع الأراضي لعملاء الوكالة اليهودية في شرق الأردن.

مع نهايات الحكم العثماني كان جبل عجلون ومدينة كفرنجة مسقط رأس الأمير راشد الخزاعي بشكل خاص كانت بمثابة عاصمة نضالية لأحرار بلاد الشام والعراق ولبنان والثورة الليبية الذين وقف الأمير الخزاعي إلى جانبهم فاستمدوا منه العزم.

كان الأمير راشد الخزاعي عضوا في العديد من الحركات القومية ومنها القوميون العرب وحزب الشعب الاردني الذي تشكل عام 1927م، وقد قاد الأمير الخزاعي مظاهرة اربد الشهيرة التي شارك بها اشخاص من مختلف انحاء الاردن للاحتجاج على اعدام الانجليز فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم اثر ثورة البراق عام 1930م، كما شارك الخزاعي في المؤتمر الاسلامي في القدس الذي كان له دور بارز في جعل القضية الفلسطينية قضية اسلامية، فضلا عن مشاركته في مؤتمر بلودان بلبنان حول وحدة بلاد الشام والذي ترأسه رئيس وزراء العراق حينها ناجي سويدي في ذلك الوقت، و نتيجة لحماية الطوائف المسيحية في شرق الأردن بعد حصول الفتنة الدينية حصل الأمير راشد الخزاعي على وشاح القبر المقدس من قداسة البابا في عام 1887 و هو الشخص الوحيد الذي حصل عليه في الوطن العربي.

حكومة عجلون

إن منطقة عجلون بزعاماتها التاريخية معروفة لدى أرشيف وزارة الخارجية البريطانية وقيادات منظمة التحرير الفلسطينية وكافة المنظمات الدولية وخاصة المعنية بالتاريخ السياسي للمنطقة العربية، حيث إن مدينة عجلون الواقعة في المملكة الأردنية الهاشمية حاليا كانت من المدن التي لها الذراع الأساسي في إمداد جميع حركات التحرر النضالي على الساحتين العربية والإسلامية على حد السواء وخاصة إمداد الثورة الفلسطينية في عام 1936م (ثورة الشيخ عز الدين القسام)، وفي هذا الجانب تجدر الإشارة إلى أن حكومة عجلون التي تشكلت في بدايات ما كان يسمى بإمارة شرق الأردن في عام 1920م كانت من الحكومات المميزة والغير مسبوقة برغم ما فرض عليها من تعتيم وتغيير وتسييس لتاريخها بسبب دورها النضالي والقومي على الصعيدين العربي والإسلامي، فحكومة عجلون والمذكورة في كتب التاريخ الأردني بأنها تشكلت في عام 1920م تزعمها وشكلها الأمير راشد بن خزاعي الفريحات - شيخ مشايخ وسنجق جبل عجلون كما كان يسمى والذي كان معتمداً من قبل السلطان العثماني قبل تشكيل تلك الحكومة في عام 1920م وقد عين الأمير الخزاعي في ذلك الوقت السيد علي نيازي التل كقائم مقام لتلك الحكومة أي (حكومة عجلون)، وتجدر الإشارة والتنويه هنا إلى أن الأمير راشد الخزاعي كما كان مدوناً لدى العثمانيين كان ممثلا كسنجق دائم لجبل عجلون إبان الحكم العثماني حيث أنه في بداية الحكم العثماني للمنطقة تم تشكيل لواء عجلون أو سنجق عجلون في سنة 1517م، وقد شملت حدوده كافة أراضي الأردن الحالي، سمي الأمير راشد بعدة ألقاب منها بأبو جبل عجلون، أبو ثورة عجلون، سنجق جبل عجلون.

محطات نضالية و ثورة عجلون وفلسطين

تأتي زعامة الأمير راشد الخزاعي كإمتداد لتاريخ أجداده من شيوخ وأمراء قبيلة الفريحات تلك القبيلة التي برز منها عدة أمراء عبر التاريخ كانت لهم السيادة والحظوة لدى البلاط السلطاني العثماني عبر مئات السنين أمثال الأمير يوسف بن بركات الفريحات والذي حكم تلك المنطقة من خلال السرايا التي كانت تابعة له في منطقة إربد والمعروفة الآن ب "سرايا إربد" وقد كان لقبيلة الفريحات عضواً دائماً في مجلس المبعوثان العثماني الأمر الذي زاد من ثقل هذه القبيلة ودورها البارز في إدارة شؤون تلك المنطقة من بلاد الشام فضلاً عن جاهزية الجيوش المنظمة التابعة لها والمدعومة مباشرة من قبل السلطان العثماني، وكان يعتبر الأمير راشد الخزاعي الزعيم الوحيد الذي حاز على لقب الباشوية بموجب مرسوم سلطاني عثماني صدر من الباب العالي في الأستانة له فقط وللأمير محمد علي باشا الكبير من مصر مما أثار حفيظة الكثيرين في ذلك الوقت، وقبيل تشكيل إمارة شرق الأردن وقبل ظهور الحكومات المحلية والتي جاءت منها حكومة عجلون في عام 1920 كان حكم الأمير راشد الخزاعي قائماً أيام العثمانيين، وقد إمتدت ولاية حكمه وأفراد قبيلته "عشيرة الفريحات" أيام الحكم العثماني لتشمل مناطق واسعة إبتداء من حوران إلى إربد، وعجلون،وجرش، وحتى نابلس غربا، هذا وقد عرف الأمير راشد الخزاعي بدعمه المباشر للثورة الفلسطينية عام 1936م "ثورة عز الدين القسام" حيث كان يوفر الحماية المباشرة للثوار الفلسطينيين وزعاماتهم في جبال عجلون الحصينة ويمدهم بالمؤن والسلاح عن طريق منطقة تسمى مخاضة كريمة قرب عجلون كما دعم حركات التحرر العربية مثل الثورة السورية حيث استقبل في كفرنجة مئات المناضلين السوريين الذين نزحوا من سورية اعتبارا من 25 تموز (يوليو) عام 1920 وقدم لهم الأمير راشد الخزاعي بدعم من جميع قبائل وعشائر المنطقة كل ما يلزمهم لمواصلة نضالاتهم، وباتت منطقة كفرنجة مسقط رأس الأمير راشد الخزاعي باتت من المحطات الرئيسية لأعضاء حزب الاستقلال أيضاً، في حين كان قادة الثورة السورية يعدون للثورة من منزل الأمير راشد الخزاعي والذي انطلقت منه الرسائل والاتصالات إلى مغظم المجاهدين السوريين، كما كانت للأمير راشد الخزاعي علاقات مميزة جدا وتعاون وثيق مع الأمير سلطان باشا الأطرش وزعامات جبل لبنان عامة إضافة لدعمه المنقطع النظير للثورة الليبية ضد الإستعمار الإيطالي.

وكنتيجة مباشرة وبشكل خاص لثورة الشيخ المجاهد عز الدين القسام وتحت سياسة الضغط والإرهاق من قبل الإنتداب البريطاني وأعوانه في إمارة شرق الأردن في ذلك الوقت فقد إضطر الأمير ومجموعة من رفاقه من مشايخ وزعامات الأردن عام 1937م إلى مغادرة الأراضي الأردنية إلى الأراضي الحجازية حيث عاش الأمير راشد الخزاعي لعدة سنوات في ضيافة الملك الراحل عبد العزيز آل سعود في فترة عصيبة من التاريخ السياسي الأردني واللافت للنظر أنه ومن خلال وجوده في الأراضي الحجازية استمر الأمير في قيادة وتوجيه أتباعه القوميون العرب والموالين لفكره النضالي برغم صعوبة الإتصال في ذلك الوقت وعلى فور إنتشار خبر لجوءالأمير راشد الخزاعي إلى الديار السعودية إنطلقت عدة ثورات شعبية في الأردن سميت ب "ثورة عجلون" تشكلت من مجموعة من الثائرين الموالين للزعيم الأمير راشد الخزاعي وقاموا بتفجير خط البترول (أنابيب النفط) القادمة من العراق مروراً بالأراضي الأردنية لفلسطين والذي كان تابعا للإنتداب البريطاني في ذلك الوقت وقد إعتمد الثائرون الأردنيون في ثورتهم تلك على أسلوب حرب العصابات كوسيلة ضغط على الإنتداب البريطاني وأعوانه للقبول بعودة الأمير راشد الخزاعي ورفاقه للأراضي الأردنية و بالفعل تمت العودة بعد عدة سنوات نتيجة مطالبة معظم القبائل والمشايخ الأردنية بها وقد تدخلت العديد من الزعامات والقوى العشائرية الأردنية التي كانت ترتبط بعلاقات وثيقة مع الأمير المناضل راشد الخزاعي أمثال الشيخ الراحل مثقال باشا الفايز زعيم وأمير قبائل بني صخر والشيخ حديثة الخريشا من مشايخ بني صخر والمعروف بمواقفه الداعمة للثورة الفلسطينية والمساندة للأمير راشد ، وقد كان إستقبال الأمير راشد الخزاعي ورفاقه حين قدومهم من الحجاز إستقبالاً قومياً مهيباً شارك فيه جميع مشايخ وأمراء القبائل الأردنيون بالإضافة للقوميين والثوار العرب وكانت تلك اللحظة نقطة تحول في التاريخ السياسي الأردني .

وفاته

وافاه الأجل بمدينة كفرنجة في عجلون مسقط رأس الأمير راشد الخزاعي وذلك في عام 1957م بعد حياة عاصفة إختفت فيها فصول كثيرة من حياة هذا الأمير الأردني العربي و ذلك من قبل الحكومة الأردنية و بعض الزعامات الحديثة العهد التي خلقت في الأردن من قبل الإستعمار و النظام الأردني.